10/04/2008
لا نستطيع دوما تجنب الحوار في عمق موضوع ما ,عبر التشكيك بدوافع من لا يوافقوننا كامل الرأي , حيث أن مثل هذا النهج ,لا يوحي فقط, بمحاوله تهرب من نقاش عمق الموضوع , بل هو أيضا أسهل الطرق لتحويل حوار هام الى ما يشبه المُشاحنات , ويبعدنا عن الإستفاده من آراء قد تكون قيمه , وليست بالضروره معاديه , إضافه الى أنها تساعدنا على الوصول الى بعض القناعات المُشتركه , مع ما يعنيه ذلك من قوه لحِجتنا في مواجهه الحجج المعاديه عبر تعميقها (من خلال الحوار التناقضي البناء) , ومن خلال تحويلها من قناعات فرديه محصوره بالثقافه الشخصيه , الى قناعات جماعيه قائمه على ثقافه جماعيه , وبالتالي أكثر شموليه ...
أتذكر أننا في اطرنا التنظيميه , في الماضي القريب , كنا نوكّل بعض الأخوه المتفقين معنا كليا بتحليل موقف معين , على القيام بلعب دور المُعارض , والبحث الجدي عن الحجج المُعاديه , ومواجهه بقيه الأخوه بها , ففي ذلك صقل لمقدره كل منا على فهم عمق الموقف , وعلى إمتلاك فكر مواجه ,قوي وثابت , قائم على قناعات ,ناتجه عن فهم لعمق الموقف المُعادي , ولحججه ...
لو كان الموضوع يعتمد فقط على قناعاتنا لوحدنا , فبإستطاعتنا وبسهوله التنازل السريع لبعضنا بعضا , إعتمادا على ثقتنا العاليه بدوافع وإمكانيات الأخوه , ورغبتنا بالحفاظ على إنسجامنا الأخوي ...
ولكن الموضوع ( الفساد , سياده القانون , الحريات العامه ) , ليس موضوعا خاصا محصورا بنا , بل هو أحد أهم الأسلحه التي إستعملها , ولا يزال , كل خصومنا , وأعدائنا ..وكم من مره ردد غلاه الصهاينه ,في عرض العالم وطوله موضوعه الفساد والحريات العامه , لتشويه صوره سيد الشهداء , ومن خلاله صوره شعبنا ونضاله العادل , في نفس الوقت الذي كانوا به يُغدقون الأموال على البعض , ويضغطون على نفس سيد الشهداء لدفعه الى تجاوز حقوق الإنسان , بحجه ’’ضروره محاربه الإرهاب ’’ , وأيضا , لا يخفى على أحد منكم مدى ما حققه هذا السلاح لحماس في حملتها الإنتخابيه للمجلس التشريعي , ومدى الضرر الذي لحق بفتح نتيجه له ...
ما سبق يوضح أنه لا يكفي لنا أن نكون ’’راضين ’’ عن واقعنا , لتكون حقيقتنا هذه ,هي الحقيقه التي يؤمن بها كل جماهير شعبنا , ولا يكفي أن نكون مرتاحين لل’’التقدم ’’ الحاصل , لتكون كل جماهير شعبنا , ومراقبي وضعنا من أصدقاء , هم أيضا مرتاحين , ويشاطرونا ’’حقائقنا ’’ , بل أمامنا طريق طويل وشاق , لإيصال قناعاتنا هذه الى الناس من حولنا , وتحويلها من قناعات محدده بإطارنا الضيق , الى قناعات عامه راسخه في عقول وضمائر الفلسطينيين عامه , لأنهم بالنهايه هم من يمتلكون ورقه الحسم في التوازنات الداخليه , وهم من يهِب الشرعيه عبر صناديق الإقتراع , وهم فوق كل هذا وذاك يراقبون الوضع ولا يتورعون عن طلب الحساب كما ظهر واضحا في إنتخابات المجلس التشريعي الماضيه ...
وهذا , يفرض علينا , كمصلحه حركيه , ووطنيه , أن لا نتهرب من التعمق في الإتهامات المطروحه والمُنتشره , وأن نكون أول المُطالبين بأعلى درجات الشفافيه , وأن نُطالب ونُصر على ضروره فتح كل الملفات التي يلوك بها القاصي والداني , لتصل من خلال المؤسسه القانونيه الى نهايتها الطبيعيه (تبرئه كانت أم إدانه ) ...
ومن هنا إعتراضي على المقوله التي طرحها بعض الأخوه , حول ضروره أن نلتمس الأعذار لقيادتنا , ونحسن الظن بهم , لأن الموضوع كما أوضحت أعلاه , لا يتعلق فقط بنا وبما نفكر به , بل يتجاوزنا الى كل شعبنا , وهو عرضه لحملات متتابعه ومُركزه من التشكيك المُعتمده على ’’ضبابيه ’’ إلتماس الأعذار , وعدم إرتقاء مفهوم ’’حسن الظن ’’ الى مستوى ’’اليقين ’’ , فباللغه القانونيه , حسن الظن , يُعبر عنه بمقوله ’’براءه المُتهم حتي تثبت إدانته ’’ , مع ما يتضمنه ذلك من بديهيه تقديم المُتهم للعداله ليأخذ القانون مجراه , وأما مفهوم حسن الظن لعامه الناس, فهو يتضمن ثقه بالبراءه , دون المرور بالضروره عبر خانه العداله بمعناها المؤسساتي , مما يترك مجالا واسعا للشكوك والتأويلات ...
ختاما , لامناص لنا من مؤسسات واضحه المعالم , تلعب فيه كل منها دورها المُناط بها , وتخضع جميعها الى ’’مراقبه ومتابعه ’’ تقوم بها دوائر دستوريه وقانونيه ,شرعيه ومعترف بها وبدورها ضمن إدارات ومؤسسات السلطه ...
وجميعها تؤمن بأهميه وحريه كل مكونات المُجتمع المدني بنقدها , ومراقبه أدائها , وبتسليط الأضواء على نواقصها من خلال صحافه حره ومستقله , هذا هو توازن السُلطات , وهو الممر الإجباري للشفافيه , وبالتالي لترسيخ قناعات غير قابله للشك في عقل وضمير جماهير شعبنا , وهذا ما يجب أن نسعى له كفتحاويين , لأنه الطريق الأقصر لنصرنا ....
وجل من لا يخطئ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق