14.04.2008
في السياسه البراغماتيه بشكل خاص , وفي السياسه بشكل عام , لايوجد أبدا ما يُسمى أصدقاء دائمين , وأما الدائم الوحيد , فهو المصالح ...
وكان السيد وينستون تشيرشل , أن لم تخنى الذاكره , قد أكد هذه البديهيه السياسيه في أحدى تصريحاته التى دخلت قاموس السياسه , واصبحت قانونا معترفا به , يُدّرس في معاهد العلوم السياسيه , وعلى أساسه يتم تحليل تموج العلاقات الدوليه في المحطات التاريخيه الماضيه , والحاليه , وعلى هداه يتم إستكشاف آفاق التحالفات المستقبليه , ومحاوله تفهم إتجاهاتها المُحتمله ...
في حاله ’’القوه الأعظم ’’ التي تحاول اليوم أن تتحكم , وبفجاجه القوه , في كل التطورات السياسيه , وعبر سياسه ’’الترهيب والترغيب ’’ او ’’ العصا الغليظه والجزره ’’ , في كل زوايا العالم , تنطبق هذه النظريه بشكل كامل , وتدخل عليها بعض التعقيدات الإضافيه , عندما يتعلق الموضوع ,بالمنطقه التي تُعتبر ’’مجالا حيويا ’’ للكيان الصهيوني , حيث نجحت القوى الصهيونيه الضاغطه , العامله والفعاله في الولايات المتحده الأمريكيه , على وضع ’’المصالح الحيويه الصهيونيه ’’ والحفاظ عليها , كأحد أهم المصالح الأمريكيه , وجعلها تعلى على بعض المصالح الأمريكيه الآنيه , وأصبح ’’الحفاظ على أمن إسرائل ’’ , وعلى ’’ التحالف الإستراتيجي الدائم ’’ معها , هو مدخل إجباري وأساسي لأيه سياسي , او قوه سياسيه ,تسعى للتواجد والبقاء والتقدم , في ساحه السياسه الأمريكيه ...
وهكذا , أصبحت دوله الإحتلال , تحظى لوحدها , بما يعادل أضعاف المساعدات الأمريكيه لما تبَقى من دول العالم ...
وهكذا , فُتحت أبواب كل مخازن السلاح الأمريكي , بما فيها ما هو ممنوع عن بعض الوحدات العسكريه الأمريكيه , لدوله الإحتلال , لتنهل منها ما تشاء ..
وهكذا , تعهدت الإدارات الأمريكيه المتتابعه , بحمايه دوله الإحتلال في كل المحافل الدوليه , وببناء سياساتها إتجاه تلك المحافل , بناءا على موقفها من دوله الإحتلال ..
بإختصار , سادت الصهيونيه السياسيه في الصف السياسي الأمريكي , وأصبحت المصالح الصهيونيه هي نفسها المصالح الأمريكيه , وما تمايز المواقف السياسيه الأمريكيه في موضوعات فلسطين والعالم العربي إلا تعبيراً عن التمايز الموجود في صفوف الحركه الصهيونيه نفسها , والتجاذب مابين تياراتها المُختلفه من صهيونيه دينيه متعصبه , الى صهيونيه فاشيه عنصريه , مرورا بالصهيونيه ’’ المعتدله ’’ , يمينيه منها أو يساريه ...
وتكفي نظره وحيده الى كل التطورات التي عصفت , ولا تزال , بمنطقتنا العربيه , وحتى في ما حولها , ليرى المُراقب , أنها بمجملها وضعت ’’مصالح دوله الإحتلال ’’ , وأمنها , وضرورات تنقيه ’’مجالها الحيوي’’ من كل من قد يُشكلون ,في المُستقبل القريب او البعيد , خطرا على ’’وجودها ’’ او حتى مجرد تحدي لهينتها في ذلك ’’المجال الحيوي ’’ ...
وكان مجرم الحرب أرييل شارون قد حدد ذلك المجال الحيوي , في إحدى خطاباته , بثلاث دوائر , مركزها دوله إلإحتلال , وحدوده دائرتها الثالثه تتعدى أفغانستان وعُمان واليمن والصومال والسودان والمغرب , وحدد ما هو مقبول وما هو مرفوض ,في هذا ’’المجال الحيوي ’’ ...
مطالب الصهيونيه في مجالها الحيوي الأقرب (الدائره الأولى) , تتعدى كل ما يمكن تصوره من ’’شروط ضروريه’’ لإطمئنان الصهيونيه على أمن دولتها , وتصل بفجاجتها الى المُطالبه بتنقيح المناهج الدراسيه في تلك الدائره من كل ما يمكن إعتباره ’’تحريضا’’ على الصهيونيه , إن كان ذلك في مناهج التاريخ , أو الجغرافيا , أو حتى منهاج ’’الدين الإسلامي ’’ , وتمر عبر مراقبه دوليه فعاله على التعليم الجامعي , والأبحاث العلميه في مجالات التكنولوجيا , والفضاء , والتكنولوجيا النوويه , والمعلوماتيه , والإتصالات , لتنتهي بالمطالبه بالشفافيه الكامله في ما يتعلق بوضع الجيوش العربيه , والمخابرات والأمن العسكري والمدني ...
بإختصار .. الرضوخ الكامل واللآمشروط لهينه ’’إسرائيليه ـامريكيه ’’ .. وإعاده بناء كامله للإنسان والمجتمع والأنظمه , الواقعه في الدائره الأولى , لتصبح ’’صديقا مقبولا ’’ لدوله الإحتلال , يُمَكِنها من ’’الإطمئنان ’’ اليه , وعلى أمنها ....
***
ضمن هذه الصوره , كيف بنا لا نزال نعتقد بموضوعه ’’ الصداقه ’’ ,في ما يتعلق بالعلاقات العربيه الأمريكيه ؟؟؟
وهل بنا نقبل إدخال كل ’’التعديلات’’ المطلوب منا , على أنفسنا ومجتمعنا ودولنا , وعلى ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا , لنحظى ب’’ صفه الصديق ’’ لأمريكا , التي لا نزال نعتقد بإمكانيه الحصول عليها ؟؟؟
كيف بنا نندهش يوما أمام تلاعب الإدارات الأمريكيه بنا وبتناقضاتنا , وإستعمالها لكل ما تصل له أياديها من قوى إنتهازيه , قصيره النظر , وأنانيه التفكير , وضيقه المَصالح , ومحدوه الإهتمامات ؟؟؟
متى سنعي يوما ان لنا نحن أيضا , كشعوب ومجتمعات ودول وأنظمه , مصالح , وأنها جديره بأن توضع في أعلى سلم إهتماماتنا , وخاصه عندما يتعلق الأمر ب ’’صداقاتنا ’’ ؟؟؟
هل بنا نعي يوما أن ’’عدونا’’ يستعمل ’’ الصداقه’’ مع بعضنا , لتعميق تناقضاتنا , وترسيخ القطيعه والهوه ما بين كل مكونات مجتمعاتنا ؟؟؟
متى سيعي هؤلاء الساعين لمصالح آنيه, ومُدعي ’’ المقاومه والحرص عليها ’’ , والذين أشبعونا حتى الثماله بخطبهم العصماء حول ’’الشيطان الأكبر ’’ , و’’الصليبيين ’’ , أن الإداره الأمريكيه لن تنصرهم أبدا , بل تعمل على إستعمالهم , وإستغلال قصر نظرهم السياسي , وجشعهم السلطوي , من أجل الإمعان بإضعاف كامل المنطقه ,حكاما وشعوبا ومجتمعات وقوى سياسيه , لتسهيل تركيعها , أمام الإراده الصهيونيه ؟؟؟
متى سنتوقف عن الأمل بالإدارات الأمريكيه المُختلفه , ونعود الى الأصل , والى مصدر قوتنا وحصننا الواقي والمانع , وهو مجتماعاتنا وشعوبنا ووحدتها ..؟؟؟