السبت، ٢٨ شباط ٢٠٠٩

مسرح الكاراكوز






كتبت هذه الخاطره في 1/09/2007

في مدينتي الجميله التي حط بي فيها الرحال ,بعد طول هيام في ارض الله الواسعه,حيث نصبت ,هناك, خيمتي المؤقته الدائمه , في هذه المدينه ,هناك حديقه كبيره ,زرع فيها مؤسسيها ,شجره من كل انواع الشجر التي خلقها رب العباد , يزورها يوميا المئات من البشر مع اطفالهم ,ورغم اختلاف لون بشرتهم ,ومظاهرهم الخارجيه,ومعتقداتهم الدينيه والفكريه والعقائديه والسياسيه ,يتعايشون معا فيها ,يتمخطرون في اروقتها وطرقاتها ما بين الاشجار المختلفه ,واحيانا كثيره يحييون بعضهم بكلمه طيبه ,او بابتسامه خفيفه ,بأدب واحترام ولياثه اخلاق , وعلى عشبها الاخضر الكثيف ,يتمدد الشباب والشابات ,يتبادلون اطراف الحديث ,ويتسامرون فرحين بحريتهم ,وهناء معيشتهم.
في هذه الحديقه ,هناك مسرح دمى ,اتخذ من وسطها مقرا له , وفي ساعات ما بعد الظهر ,عندما تخف لسعات الشمس الحارفه ,وتحمي ظلال الاشجار ,الناس ,من ما تبفى منها ,وتضفي النسمات الخفيفه شعورا بالارتياح ,يتجمع الاطفال امام طاقه مسرح الكاراكوز هذا ,وينتظرون بشوق واضطراب ,ان تنشق ستائر المسرح , ليتابعون فصلا جديدا ,من مسرحيتهم الشيقه , وما طراء عليها من جديد ,و بخوف ممزوج بالامل والرغبه العارمه ,لمعرفه النهايه ,سعيده كانت ام حزينه, يجلسون صامتين .
في احد هذه الايام , وقفت خلف ربعي , ورغم تطورات المسرحيه الشيقه , ومفاجأتها الكثيره ,كانت عيوني مشدوده الى وجوه اطفالي ,اراقب عليها كل التفاصيل الصغيره التي تدل على تتابع مشاعرهم المختلفه ,نتيجه لمفاجأت المسرحيه ,وتتابع احداثها المثيره...
وتساءلت اكثر من مره ...
هل ,ياترى, يبصرون بعيونهم الساحره الجميله , كل الخيوط الدقيقه ,التي تربط ابطال مسرحيتهم الشيقه, بأصابع هؤلاء المختفين خلف الستائر , والذين يحركون هذه الدمى ,بناءا على رفباتهم واهوائهم ,وصولا الى اهدافهم المرجوه من دور كل دميه في المسرحيه ؟؟؟
هل هم واعيين ,الى ان هذه الدمى ,لاحياه فيها ولا اراده لها , الا من خلال من يحركها؟؟؟
هل تراهم يعلمون ,انها صنعت فقط من اجل تأديه الدور المحدد لها ,والمنوط بها في المسرحيه؟؟؟
وتساءلت ايضا.....
هل عقولهم الصغيره النقيه, ستتلقف ما ترى وتسمع ,كانه حقائق ثابته؟؟؟
ام انهم ,ببساطه وشفافيه وبراءه تفكير الطفوله , سيقارنون بين ما يرون , وما يعلمون , من اجل غربله الامور ,واستيعاب الصوره؟؟؟
هل يمتلكون ما فيه الكفايه ,من استقلاليه التفكير ,والمعلومات الصافيه ,لامتلاك نظره نفديه للمسرحيه وتعاليمها ,التي قد تتناقض مع بعض المفاهيم الاصيله التي اتمنى غرسها في عمق ضميرهم وفكرهم؟؟؟
كم هي طويله الطريق , حتى يكتشفوا ان كل شئ له ثمن , وهدف , وان عليهم وبمقدرتهم الاختيار في حياتهم بين ان يكونوا مثل دمى مسرح الكاراكاز هذا ,تحركهم خيوط مرئيه او مخفيه ,يخدمون اهدافا لاعلاقه لها بمصالحهم وامنياتهم لمستقبلهم , وبين ان يستغلوا كل ما وهبهم اياه رب العباد ,من مقدرات لا متناهيه ,على السمع والرؤيه والاحساس والتفكير والشعور ,من اجل ان يقطعوا كل الحبال والخيوط التي تقيدهم وتحركهم , ويصنعوا لانفسهم دورا خاصا بهم ,مستقلا ,وقائما على مصالحهم ,معبرا عن امالهم واحلامهم , ليصبحوا جزءا من اداره المسرحيه ,يؤثرون بها باتجاه مصالحهم ,بدلا من ان يكونوا دمى في خدمه مصالح الاخرين ,والتي ليست بالضروروه مصالحهم.
يالهي ,رحمتك , ومساعدتك ...
كم هي طويله ,طريق الحريه والاستقلال ..
انت على كل شئ قدير..

ليست هناك تعليقات: