الثلاثاء، ١٥ شباط ٢٠١١

حول إنتفاضه مصر ... سقوط الجدار ـ 7 ـ

لأن ’’الديمقراطيه’’ هي نظام , وثقافه , يصبح من غير المنطقي ان يتسائل البعض الآن ’’ ماذا حققت إنتفاضه تونس وإنتفاضه مصر ؟؟ ’’ , وكأن لسان حالهم يقول ’’ بما ان تلك الإنتفاضات لم تقلب الجحيم الى نعيم بين ليله وضحاها , فهي إذا إنتفاضات فاشله وكُنّا في غنى عنها ’’ ..
عدا عن التعامي الواضح عن الإنجازات الآنيه التي حققتها تلك الثورات الذي يتضمنه السؤال , والتي يمكن تلخيصها بإقصاء المافيات التي كانت تتحكم في البلاد والعباد , وكسر حاجز الخوف الذي كان يكبل القوى الحيه في المجتمع العربي , وإعاده نور الأمل بمستقبل افضل للإنسان العربي , فهذا التساؤل يتعامى ايضا عن كل آفاق المستقبل الذي فتحتها تلك الإنتفاضات أمام الأقطار التي أنجزت خطوتها الأولي ,
أفاق واسعه ولامتناهيه تنتظر إن يسبر اغوارها كل المتفاعلين مع هذه اللحظه التاريخيه ..

إرساء أسس الديمقراطيه في أقطار خارجه لتوها من عشرات سنوات ظلام انظمه حكم فاسده ومستبده متسلطه , يُشبه عمليه إعاده الخَضار الى أرض أهملت سنوات طويله , وعاث بها المتسلطين خرابا , وما إنتظار قطف الثمار قبل تنظيف الأرض , وحراثتها , وبذر البذور الصالحه فيها , والعنايه بها , إلا حلم ليل سرعان ما يتبخر مع نور الصباح ..

***

ـ التوافق على دستور ديمقراطي يضمن الحريات العامه , وطرحه على إستفتاء عام ليصبح القانون الأساسي المعترف به ..

ـ إعطاء المهله الكافيه للقوى السياسيه لإيجاد انسب الأساليب التي ترغب من خلالها المشاركه في الحياه السياسيه (احزاب , تجمعات , تحالفات ) ..

ـ أعطاء المهله الزمنيه الكافيه لتلك القوى لبلوره برامجها السياسيه والإقتصاديه والإجتماعيه , وللإستقطاب ضمن اطرها وحولها ..

ـ إطلاق العمليه الإنتخابيه , بمراحلها المختلفه ..

ـ الإنتخابات ..

ـ النتائج ..

هذه هي الصوره المٌبسطه (schématique) للخطوات الآنيه المُفترضه للوصول الى الصوره الحقيقيه لتوازنات القوى الآنيه في المٌجتمع , صوره تسمح بإضفاء الشرعيه الديمقراطيه على من سيتحمل مسؤوليات السلطه خلال الفتره الزمنيه المُحدده بالدستور , ليعود بعدها بإنجازاته وإخفاقاته امام الناخبين ..

***

الديقراطيه هي ايضا ثقافه , والثقافه هي تراكم معرفه وخبره وتجربه , وهي لذلك لاحدود لها إلا حدود العقل الإنساني , مع ما يعنيه ذلك من آفاق واسعه أمام العرب بشكل عام , والمصريين والتونسيين بشكل خاص , ومن صعوبات وعقبات يواجهها كل من كان محروما من نعمه الحريات الديمقراطيه , ومن إعتاد العيش تحت سلطه أنظمه حكم حجبت عنه تلك الحريات , وعهرت المفاهيم الديمقراطيه فألصقت بها ما ليس فيها من صفات ( فساد ومحسوبيه وإستزلام وأحزاب وهميه فارغه ومٌفرغه .. الخ ) ..

عدا عن أن الديمقراطيه ليست قالبا جامدا يُنقل ويُطبق على جميع شعوب العالم , دون الأخذ بعين الإعتبار لخصائصها ومميزاتها , بل بالإمكان القول أن هناك ديمقراطيات بتعداد الشعوب التي تطبقها , تتشابه بالأساسيات (الشعب مصدر السلطه , الإنتخابات المباشره والحره .. الخ ) وتختلف بإختلاف ميزات الشعوب وحضارتها ..
مع ما يعنيه ذلك من ضروره إستكشاف العرب ل’’ديمقراطيتهم’’ التي تأخذ خصائصهم بعين الإعتبار

***

لكل ما سبق لا يجب التسرع في الحكم على التجربه المصريه والتونسيه , بل إعطائها الوقت الكافي الذي يضع شروط النجاح الى جانبها ..
لأن نجاحاتها وإخفاقاتها ستنعكس حتما على مجرى تاريخ المنطقه العربيه ...

ليست هناك تعليقات: