السبت، ١٢ شباط ٢٠١١

حول إنتفاضه مصر ـ سقوط الجدارـ 2

مصدر الشرعيه الحقيقي .. المواطن ام ’’الدين’’ ؟؟

لقد شهدت منطقتنا العربيه ظاهره تمدد جماعه الإخوان المسلمين في طول وعرض المنطقه العربيه , ولا يخفى على احد منكم بأن هذه الجماعه هي بالأساس صنيعه المخابرات البريطانيه , خُلقت لمواجهه المد الوطني العربي التحرري الذي إنطلق لإنتزاع إستقلال الأقطار العربيه من براثن الإستعمار , ولا يخفى على الكثير منكم التحالفات التي اقامتها هذه الجماعه مع الأنظمه العربيه , و الدور الذي لعبته هذه في تدعيم الحكام الذين نصبتهم الدول الإستعماريه بعد ان أُجبرت على إنهاء الإستعمار المباشر وتحويله الى إستعمار جديد بأدوات محليه ,كما وانها حاربت وعادت كل قوه عربيه سعت لتحقيق التحرر الوطني في اقطارنا العربيه بحجج مختلفه مثل العلمانيه والإلحاد والشيوعيه ومعاداه الدين ..الخ , ولايزال دور تلك الجماعه في تدعيم ركائز النظام الهاشمي في الأردن في الماضي القريب , وفي محاربه الناصريه , وتكفير الثوره الفلسطينيه ,ومحاربه نفوذ منظمه التحرير الفلسطينيه في الأرض المحتله , ماثلا امام اعيننا جميعا ..
جماعه الإخوان المسلمين متلونه كالحرباء , ومستعده لركوب اي موجه من اجل بسط نفوذها والتمدد , وهي مستعده للتعايش مع الشيء ونقيضه في نفس الوقت , حتى تتمكن , فتكشف عن حقيقه معتقداتها العميقه والمتجذره , وهي بسهوله معتقدات فاشيه قائمه على سياده فكر واحد يعتقد بإمتلاك شرعيه سماويه غير قابله للنقد او النقض او النقاش , ولذلك وإن قبلت تحت وقع الظروف تحالفات مع قوى اخرى , فذلك ليس إلا موقفا تكتيكيا آنيا لإنجاز اهداف مرحله معينه , سرعان ما ينحسر امام الهدف الإستراتيجي المتمثل بحلول’’ الجماعه’’ بديلا عن المجموع , وسيادتها على الكل , وتكفير كل من لا يرضخ ل’’حقيقتهم’’ هذه ..

الأنظمه العربيه التي إدعت وقوفها سدا مانعا امام تغلغل وتمدد هذه الجماعه في ربوع اوطانها ,والتي لا يزال بعضنا يتغنى بها بصفتها تلك , فشلت فشلا ذريعا في مواجهه هذه الجماعه , فهي لم تستطيع لا إستيعابها ولا تفتيتها ولا القضاء عليها , ولو كان صحيحا ان تلك الأنظمه هي ’’حاميه الديار’’ من هذا السرطان الفاشي , كما يدّعي البعض , لما رأينا جموع الإخوان تسرح وتمرح في عواصمنا العربيه , وتملاء الفراغ الذي تركته تلك الأنظمه شاغرا في الأحياء الفقيره والمعدمه , تشتري إنتماء الفقراء والمعوزين مقابل رغيف خبز عزّ على الحكام توزيعه على ابناء وطنهم ..
العكس تماما هو ما حدث ولا يزال في منطقتنا العربيه , فمحاربه الأنظمه العربيه للفكر التحرري الوطني الديمقراطي , وتقيدهم للحريات الديمقراطيه , وتعهيرهم لمعاني الديمقراطيه , وفرضهم لنظام الحزب الواحد , وتحويلهم له الى اداه تطبيل وتزمير للحاكم , كل ذلك اضعف كل قوى التغيير الديمقراطيه في البلدان العربيه ,وقضى على الفكر النقدي الهادف والبناء , وقوى من عود القوى الملتحفه غطاء الدين , والتي ملأت الفراغ الذي خلقته تلك الأنظمه ,و ترعرت على فسادها , ونشرت نفوذها بين المواطنين معتمده على إنحسار فكره الحريه ورقعه حقوق المواطن , وعلى القمع والترهيب الإهانات التي تعرض لها عامه الناس على ايدي اجهزه السلطات الحاكمه , والتي اجبرت المواطن للجوء الى المساجد تضرعا لله تعالي ليقيهم شر تسلط حكامهم عليهم , وليدعوه تعالى ليخلصهم من الظالمين
وهكذا تحولت البلاد الى مشاع مفتوح للجماعات التي تلتحف الدين غطاءا لها , واصبحت المساجد اراضي خصبه يقطف من خلالها الإخوان المسلمين ومن شابههم من ملتحفي الدين الإسلامي الثمار التي زرعها لهم الحكام المتسلطين ..
وهكذا كان الحكام الظالمين والفاسدين هم خير حليف للجماعه

تصوروا معي لو كان هناك في دولنا العربيه سلطه قائمه على اساس نظام الحريات الديمقراطي , سلطه تستمد شرعيتها من إنتخابات عامه نزيهه , يشارك بها احزاب حره مستقله , سلطه تدعم الفكر النقدي البناء , وتعتمد الصحافه الحره , وحريه الكلمه وحريه الإنسان , وتصغى للنقد الهادف البناء , وتخضع لمراقبه السلطات التوازنيه الأخرى , وتؤمن بالتبادل الديمقراطي للسلطات , وتطلق العنان لإبداعات الشعب الخلاقه , وتحترم المواطن وحقوقه , فهل تعتقدون انه في ظل مثل هذا النظام هناك إمكانيه لترعرع وتوسع نفوذ اصحاب الفكر الواحد الأوحد ؟؟ ام ان الشرخ الحقيقي سيكون ما بين كل المؤمنيين بالحريات الديمقراطيه من جهه , واصحاب الفكر الفاشي من جهه اخرى ؟؟
هل كنا سنرى مثل هذه الجموع الحاشده في عواصمنا العربيه تدعوا لسقوط الحكام , ام كنا سنرى الملايين في نفس تلك العواصم دفاعا عن الشرعيه الديمقراطيه , أمام الطامحين بفرض فكرهم الفاشي الديكتاتوري على عامه الشعب المتنوع بطبيعته ؟؟

بإعتقادي , وجل من لايخطئ , بأن المرحله ما بعد إنهزام سلطات التفرد والفساد (المؤكد عاجلا ام آجلا , براضاها او بدونه ) , ستكون هناك مرحله إرساء الأسس الديمقراطيه ,وفيها ستظهر حقيقه الإخوان المسلمين , و سيعاد الفرز مابين كل القوى التي ساهمت في تسريع التغيير , وهي مرحله ستكون حتما بدايه للإنحسار الحقيقي لنفوذ المتأسلمين , إنحسار قائم على خيار الجماهير مابين الفكر الديقراطي التحرري الذي حمله اغلبيه الداعيين للتغيير , ومابين فكر تعويض التسلط الإنفرادي بالتسلط بإسم الدين الذي تحمله جماعه الإخوان المسلمين ..

بإعتقادي ليس هناك من مصل مضاد لنفوذ الجماعات الملتحفه للدين غطاءا لها إلا إطلاق الحريات العامه ضمن نظام ديمقراطي حقيقي يضع المواطن وحقوقه على رأس سلم إهتماماته , ويعيد له مكانته الحقيقيه كأول واهم مصدر لشرعيه السلطات , وهو ما يتعارض ويتناقض كليا مع فكر الجماعات الإسلامجيه التي تعتبر الدين والإراده الإلهيه مصدر شرعيتها الوحيد , ولا تعترف بالإنتخابات كمصدر للشرعيه إلا إذا اتت لتؤكد شرعيتها الى جانب ’’شرعيتها الدينيه’’ ..

فلنثق بحقيقه تمسك الجماهير بحرياتها وبحقوقها الديمقراطيه ..
ومن يعش ..سَيَرى ..

ليست هناك تعليقات: