الأحد، ١٤ تشرين الثاني ٢٠١٠

دعوه للخروج من جمود الدوغماتيه

 كُتب في 20/06/2010

المراقب لحواراتنا كفلسطينيين يتلمس بسهوله إرتفاع درجه حرارتها كلما تعلق الأمر بموضوعه أشكال النضال الفلسطيني ..


الملاحظ أن العديد منا اعلوا من شأن ’’اسلوب النضال الأنسب ’’ من وجهه نظرهم ليضعوها في مستوى ’’الإيمان الديني ’’ , فكفروا على طريقتهم , الآخرين , وأصبحوا دوغماتيين , وضعوا جدران شاهقه حول عقولهم (وهي فذّه عند البعض منهم ) , فلم يعودوا قادرين على رؤيه وتفهم الحجج والبراهين المنطقيه التي يحويها الطرح الآخر ..


اصبح لدينا ’’أيات الله ’’ لكل طرح ..
فهناك ’’ايآت الله’’ للمفاوضات ..
ومثلهم تماما ’’للكفاح المسلح ’’ ..
ومابين هؤلاء وأولآئك , تمحور العديد من الشباب الفلسطيني , وإنقسموا ,وتبادلوا الإتهامات ..
فأضعفوا بعضهم بعضاً ..


كلا الطرفيين , تناسوا , وبعضهم عن سابق عمد وإصرار , بديهيه العلاقه الجدليه الواضحه ما بين كل اشكال النضال , وبديهيه أن لكل معركه أسلحتها الخاصه بها ...


عند البعض , المفاوضات اصبحت طريقاً وحيداً لاحياد عنه لتحقيق اهدافنا الوطنيه , ومع مرور الزمن , اصبحت المفاوضات هدفاً بحد ذاته , فعهروا وحاربوا كل اشكال النضال الأخرى لأنها اصبحت في نظرهم متناقضه مع ’’حسن النيه’’ المفترضه بهم ليكونوا طرفاً مقبولا بها , فتناسوا أن بقيه اشكال النضال , إن تم إستعمالها بالمكان والزمان الصحيحيين , هي احد اهم عوامل قوه موقفهم بالمفاوضات , وهي رافع لهم تساعدهم على رفع سقف مطالبهم معتمدين على إمتدادهم الجماهيري , وعلى إستعداد شعبنا لأعلى درجات العطاء والتضحيه من اجل نيل حريته ..


اما دعاه ’’الكفاح المسلح ’’كطريق وحيد للتحرير , فهم ايضاً وضعوا هذا الشكل من النضال في مرتبه ’’القناعه الدينيه’’ , فأصبح مع الزمن , اغنيه يرددوها بمناسبه وبغير مناسبه , متناسيين أن إستعمال هذا الشكل من النضال , يخضع لقوانيين تتعلق بالزمان والمكان والإمكانيات الذاتيه , وبالظبط والربط والإلتزام , وهي بمجموعها تُشكل عوامل , إن لم تُدرس بدقه , فهي ستؤدي الى عكس ما يتمنونه من تقصير لعمر الإحتلال ..


عدونا إستفاد من ’’دوغماتيه’’ الطرفان ..


فهو إستغل تمسك البعض بالمفاوضات , ليحولها الى ورقه توت تغطي حقيقه تعصبه المعادي لكل المقومات الحقيقيه للسلام ..
وبنفس الوقت إستغل تهور ومغامراتيه ’’دوغماتيّ’’ الكفاح المسلح , ليبرر بأثر رجعي , نهجه المعادي لمقومات السلام العادل نسبياً ..


ما بين هذين الطرحين تمحورت الكثير من القوى الحيه من شعبنا , وتناحرت , فتركت المجال مفتوحاً لتيار اكثر ’’براغماتيه’’ من كلاهما , ليستقطب المزيد من ابناء شعبنا , تيار إن لم تتم دراسه افكاره , وحججه القويه الدامغه والمنطقيه , سيسحب البساط على المدى المتوسط من تحت اقدام الجميع , وسيضعهم في خانه الأقليه المتحوره حول نظريات عاجزه عن تحقيق اي نتيجه ملموسه لشعبنا الفلسطيني ..


كلماتي هذه هي بمثابه دعوه مفتوحه لكل الأخوه للخروج من القوالب النظريه الجاهزه , ولمحاوله إستكشاف كل الطرق الفرعيه والترابيه المحيطه بالشوارع المعبده سلفاً التي تعودوا, واستسهلوا السير عليها , بعدما اثبت واقعنا ومسيرتنا خطاء الجمود الفكري النظري في عالم متغيير بإستمرار ..


فإن كان لابد من التمسك تحت كل الظروف بالهدف النهائي , فلا بد من إستكشاف التمازج الأنسب لأشكال النضال لكل مرحله من المراحل المتعدده التي تفصل بيننا وبين ذلك الهدف النهائي , فالطريق لم تكن ابداً مُسطحه , واقل من ذلك , مستقيمه .. ولا ضرر إن كان من الأنسب في بعضها أن يتقدم بعض اشكال النضال على غيره , فما دامت البوصله تشير الى الهدف النهائي , يبقى الأسلوب مجال بحث قابل للتغيير حسب الظروف وحسب الحاجه ..


هي دعوه للخروج من جمود الدوغماتيه , الى رحاب البراغماتيه الواقعيه التي تستمد قوه طرحها من الدراسه المستفيضه والدائمه لمتغيرات الواقع , ومن محاولتها الدائمه لتفهم العلاقه الجدليه القائمه ما بين كل العوامل المتغيره المؤثره في واقعنا الفلسطيني , وكيفيه التأثير بها عبر الإستفاده من كل عوامل قوتنا , كلٌ منها في زمانها ومكانها الأنسب والأكثر فعاليه وتأثيراً ..


ويبقى الأهم من كل ذلك هو وحدتنا حول الهدف النهائي ..
وتمسكنا الدائم بإطار مُعَبِر بكل ديمقراطيه عن رأي الأغلبيه ..
فهذه هي الطريق الأقصر لقطع الطريق على كل من يسعى لفرض قناعاته الدوغماتيه على المجموع ..

ليست هناك تعليقات: