كتبت هذا التعليق في 19/0//2008 حول ردود فعل البعض على رساله التعزيه التي بعثها السيد ابو مازن الى محمود الزهار ..
خلال يومين ,إمتلأت صفحات الملتقى الفتحاوي بردود فعل ,بعضها يستغرب ,والآخر يدين , والثالث يستنكر ’’رسائل التعزيه’’ التي وجهتها الحركه ,والأخ أبو مازن الى الزهار بإستشهاد إبنه حسام , وادانتهم للمجزره البشعه التي إرتكبها العدو الصهيوني في حي الزيتون ...
***
وكالعاده , إسترسل بعضهم في ’’الأفكار’’ وإستخلص ’’إستنتاجات ’’ ذهبت بعيدا جدا ,ووصلت الى حدود التشكيك الجارح ,إن لم نقل ’’التخوين’’ لكل من عبر عن شعوره الوطني والإنساني أمام مشهد أشلاء الشباب الفلسطينيين المتناثره , وأمام هذا البحر الذي فاض بالدماء الفلسطينيه الطاهره ...
***
ولا يستطيع المرئ إلا التوقف طويلا أمام هذه ’’الظاهره ’’ التي تٌظهر بما لايقبل الشك , حاله من الإنفصام العميق , ما بين الموقف الفتحاوي الأصيل الذي عبرت عنه أصوات مسؤولي الحركه , وما بين مواقف هؤلاء الذين يدعون فهما أعمق للوضع الراهن , وحرصا أكبرعلى ’’فتح’’ , وأمتلاك شفافيه أعمق لصوره ال’’الموقف الأسلم’’ ..
***
وما يٌدهش أكثر ,هو حاله ’’الإستحياء’’ والتردد التي ظهرت في ردود ’’الفدائيين’’ الذين تطوعوا للدفاع عن موقف ’’القياده’’ , و’’الأعذار’’ التي حاولوا إيجادها للتخفيف من ’’وطاءه ’’ موقفها , حيث أن بعضهم إعتبر هذا الموقف هو إستغلال ’’مناسبه’’ للتراجع عن موقف خاطئ سابق , ومحاوله ’’كسر جليد’’ لتهيئه الأجواء المناسبه للتراجع عن خط ’’المفاوضات العبثيه’’ , وآخرون إعتبروه موقف موجه ل’’الإعلام الخارجي’’ ,وغيرهم فسروه على أساس أنه مجرد ’’رساله’’ موجهه الى الإسرائيليين والى الإداره الأمريكيه للتلويح لهم ب’’بعبع’’ التقارب مع حماس , في حاله إستمرارهم بالمراوغه في موضوعه ’’المفاوضات’’ ..
***
في كلا الحالتين ,حاله المهاجمين وحاله المدافعين , يظهر للمراقب وبوضوح لا يقبل الشك ,مدى إفتقارنا كفتحاويين الى أطر تنظيميه تٌرسخ فينا مفاهيم واضحه لمبادئ وأهداف وأسلوب فتح , وتفتح لنا المجال لصقل رؤيه واضحه ومتناسقه للماضي والحاضر والمستقبل ,على هدى هذه المبادئ والأهداف ...
***
حرص حركه فتح على كامل أبناء الشعب الفلسطيني ,وإدانتها لكل ممارسات العدو الصهيوني التي تتمعن في الوحشيه الأكثر إيلاما لشعبنا , وتعاطف الحركه الدائم مع كل عائلات الشهداء والجرحى والمصابين والمخطتفين من إبناء شعبنا ,بغض النظر عن إنتمائهم التنظيمي ,او حتى إلتزامهم الفصائلي او عدمه , هذا الموقف لا يعبر عن تراجع ,أو إعاده نظر في مواقف سابقه , أو موقف دعائي إعلامي , بل هو موقف مبدأئي ثابت , ولا مجال لا للشك ولا للتشكيك به وبمصداقيته وبصدق حقيقته ...
***
سعي فتح الدائم والحثيث لوحده الشعب حول حقوقه الوطنيه المشروعه , وتحريم أراقه الدم الفلسطيني في الصراعات الداخليه , وإحترام التعدديه السياسيه , والسعي الدائم للجمع مع رفض القسمه أو الطرح ..هي مواقف مبدائيه ثابته آمنت بها الحركه , وعبرت عنها دائما في ممارساتها وشعاراتها وبياناتها ومداخلات قادتها, وعملت على تطبيقها , وسعت لإقناع كل من عارضها ,بصحتها ...
***
تجيير كل التناقضات الثانويه لمصلحه تقويه مواقع شعبنا في مواجهه التناقض الرئيسي مع العدو الصهيوني , والحفاظ على إتجاه بوصله النضال لتشير دائما الى القدس والى فلسطين وحقوق شعبها الغير قابله للتصرف ..هي في صميم المواقف المبدئيه الصادقه للحركه , وشكلت بالماضي القريب وفي الحاضر الراهن احد أهم المزايا التي تمييز فتح عن غيرها من الفصائل الفلسطينيه ...
مواقف فتح المبدئيه هذه , نابعه عن قناعات فكريه حقيقيه راسخه في العقل الفتحاوي , غير قابله للتغيير مع متغيرات الوضع , لأنها تعبر عن حقيقه تحكيمنا للعقل في مواقفنا , ورفض الإنصياع للعواطف والمشاعر ,التي تؤدي في الكثير من الأحيان الى مواقف متقلبه حسب الأجواء والظروف ..
***
مواقف فتح المبدئيه هذه ,ليست شعارات فارغه دون مضمون نرددها للإستهلاك المحلي ولإضفاء صبغه من الإحترام المزيف على حركتنا , كذلك الذي يتعمد مد يد المساعده لفقير أمام أعين الماره ,ليقال عنه أنه كريم وذو أخلاق حسنه .. بل هي مواقف ثابته ونابعه عن قناعات عميقه ومتجذره في صلب كل فتحاوي , ولا تخضع لظروف آنيه متغيره ...
***
فتح لم تقل بخيانه أحد , بل التكفييرين الذين وضعوا اليد على قياده حماس ,هم الذين قاموا بتخوين الفتحاويين وتكفييرهم ..
فتح لم تنقلب على أحد , بل التيار الإنقلابي في حماس هو الذي قاد انقلاب غزه ..
فتح لم تدعوا الى القتل والتدمير والإقصاء والإستئصال , بل هم نفس التكفيريين الذين دعوا وشرعوا بممارسه كل ذلك في حق كل من يرفض هيمنتهم الغير شرعيه على القرار الفلسطيني ..
فتح لم تغلق باب الحوار أمام احد ,بل هم التكفييريين الذين يرفضون الحوار عبر إصرارهم على التمسك بنتائج الإنقلاب ..
فتح لم تطالب بأكثر من المنطق , والذي يستدعي إحترام القانون الوطني والإنساني والأخلاقي ,عبر تقديم كل متهم بالإجرام بحق فلسطيني لمحاكمه عادله ليتحمل مسؤوليته , وهم الذين يتمسكون بضروره أن يكون هؤلاء المجرميين فوق كل القوانيين الوطنيه والأخلاقيه والأنسانيه , وأن ينعموا بحريتهم رغم كل جرائمهم المفترضه والثابته ..
فتح لم ولن تفرح لمقتل فلسطيني واحد (خارج إطار العداله والقانون) , وأما هم فلقد رقصوا طربا على أنقاض منتدى الرئاسه ,رغم أنين الجرحى والمصابين , وهم الذين أطلقوا العنان لغرائزهم البدائيه المتوحشه حول جثامين الفتحاويين الذين لم تكن الحياه قد فارقتهم بعد ...
وأتحدى أي كان , أن يجد في بيانات الحركه ومواقفها الرسميه ما يثبت عكس ذلك.
***
هذا هو الفرق بين فتح المسؤوله عن كل قطره دم فلسطيني , والمعنيه بعذابات وآلالام كل مواطن فلسطيني , وبين التكفييرين منهم الذين زوّروا مفاهيم الدين الإسلامي الحنيف , وعهروا معاني النضال والمقاومه , ليحللوا إراقه الدم الفلسطيني , وليفرضوا ’’ديكتاتوريه الظلام ’’ على شعب متعطش للنور والحريه ..
***
الأخ أبو مازن , وقاده وكوادر حركه فتح ,الذين أبدوا عميق حزنهم , وعبروا عن تعازيهم الصادقه لأهالي الشهداء من شباب شعبنا , وعن غضبهم وإدانتهم للإجرام الصهيوني ,كانوا منسجمين تماما مع كل المبادئ التي تم ذكرها أعلاه , ومع صوره فتح هذه التي تختلف كليا عن صوره التكفييرين ,وهم بذلك مثلوا كل الشباب الفتحاويين ,وكل الفلسطينيين , عبر تعبيرهم الصادق عن عمق الفكره الفتحاويه , وكانوا صادقيين وملتزميين بمبادئ الحركه الثابته , وقيامهم بواجبهم هذا لا يعني من قريب أو بعيد ,التنازل عن أي مبداء من مبادئ الحركه الثابته , وأهمها رفض الإنقلابات كوسيله لحسم تناقضات الساحه الفلسطينيه , وحرمه الدم الفلسطيني , وسياده القانون فوق الجميع ...
كما وأنهم لا ينتظرون مقابل من أحد على قيامهم بواجبهم الوطني والأخلاقي والأنساني , ومقابل تعبيرهم عن مبادئ وأخلاقيات الحركه ...
***
فليتوقف مهاجمي موقف الحركه ,عن جلدها وجلد الذات , فهذا لا يشرفهم ولا يشرف الحركه التي ينتموا اليها ...
وليتوقف الأخرين عن محاوله إيجاد التبريرات الأقبح من ذنب ..
ولندافع معا عن مواقف الحركه الصحيحه والمبدئيه ..
فهي كانت ولا تزال عصب ثوابتنا , وقمه فخرنا , وعماد إلتفاف الجماهير حولنا ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق