الأحد، ٢٠ شباط ٢٠١١

حول إنتفاضه مصر .. سقوط الجدار ـ 8 ـ



دعوه مفتوحه لبعض الإخوه لمراجعه مواقفهم ..


الظاهر أن بعض الأخوه إعتبروا أن دعم مطالب الجماهير العربيه التي تطالب بحرياتها الديمقراطيه هو موقف خاطئ , وذهبوا بعيدا في البحث عن الحجج والبراهين التي تثبت صحه موقفهم هذا ..
فبعضهم إعتبر الديمقراطيه ’’خدعه زائفه’’ , والبعض إعتبرها ’’بضاعه امريكيه ’’ , والآخر إعتبر انها سابقه لأوانها في عالم عربي غير مهياء لها , وغيرهم إعتبرها بمثابه إدخال للذئب (الإسلامجيين) في الحظيره , وإستشهدوا بالمحاولات الدائره امام اعيننا لخطفها , وآخرين إعتبروا انها بمثابه عمليه تحضير لسيطره أنظمه العسكر على الأنظمه , والأطرف من كل ذلك هم هؤلاء الذين إعتبروا انها مؤامره امريكيه مٌنَظمه هادفه للسيطره على العالم العربي ..

كل تلك الأطروحات تتشابه في تصادمها الواضح مع الرغبه التي تٌعَبر عنها الجماهير العربيه على إمتداد الساحه العربيه , وتضعنا كفلسطينيين منتمين الى حركه تحرر وطني كانت لزمن بعيد تعتبر نفسها طليعه الثوره العربيه ورأس حربتها في معركه التحرر الوطني , وإذ بنا , إن إعتمدنا تلك المقولات , وبتحصيل حاصل , نقف في صف أنظمه لم تعجز فقط عن فرض أدنى تراجع على الصهيونيه , بل وايضاً فتحت لها المجال للتغلغل في الساحه العربيه , إضافه الى إنها عجزت عن تحقيق ادنى إنجازات لشعبها بعد أن كبلته بقيود اجهزتها الأمنيه , وألقته ومقدراته لقمه صائغه لمافياتها العائليه ولحاشياتها من المرتزقه , عديمي الشرف والضمير ..

مثل هذه الأطروحات , وإن كان بالإمكان نقاشها بين هؤلاء الذين يمتلكون حداً ادنى من الثقافه السياسيه , شكلت غطاءاً لبعض من لا يمتلكون ذلك الحد الأدنى , فإذ ببعضهم يعتمد صوره الرموز التي لفظتها الجماهير العربيه شعارا لهم , وآخرون يعتبرونهم ’’رموز وطنيه’’ يجب ان يبقوا فوق إيه إنتخابات , دائمين الى الأبد , ولم يعد ينقصنا إلا التهليل لقوات القمع ولمرتزقتهم من البلطجيه والتصفيق لجرائمهم في حق جماهيرهم , والطرب لأنات مئات الجرحى والمصابين ..
وكأن لسان حال هؤلاء يقول للحكام ..
’’ إذا كان الشعب لا يريدكم , فماعليكم إلا القضاء عليه , وزجه في سجونكم ’’ ..
***

لا ايها الأخوه ..
إذا كان الإسلام مُلكا للمؤمنين , وليس حكراً على الإخوان المسلمين , وعلى غيرهم من هؤلاء الذين يعملون على تسخيره لمصالحهم , فالديمقراطيه أيضاً ليست مُلكاً للإداره الأمريكيه التي تسعى لتسخيرها في خدمه إستمراريه الهيمنه الإمريكيه على المنطقه العربيه ..

لا ايها الإخوه , الإداره الأمريكيه لم تكن بحاجه الى التآمر على هؤلاء الحكام الذين كانوا خاضعين لها , يعيشون تحت حمايتها , وينفذون لها ما تريد , ويقدمون لها بلادهم وثرواتها ومزاياها الإستراتيجيه على طبق من ذهب ..

الإداره الأمريكيه تٌفضل الف مره التعامل مع عبيد لها لايعبرون عن مشاعر شعوبهم , عوضا عن مشقه التعامل بالند للند مع انظمه ديمقراطيه تُعبر عن مشاعر الأغلبيه من جماهير شعبها بحكم المصالح الإنتخابيه التي تفرضها العمليه الديمقراطيه ..

الإداره الأمريكيه لم تأخذ ابدا شعوب المنطقه العربيه بعين الإعتبار , فما يهمها من هذه المنطقه هو ثرواتها الطبيعيه وخاصه منه النفط الذي لا يزال عصب إقتصداها , وأساس نعيم ورفاهيه مواطنيها , وما يهمها ايضا هو أمن وأمان المشروع الصهيوني الذي لم يحقق بعد كل الأهداف التي خُلق من اجل تحقيقه , وما يهمها هو سياده نفوذها على الموقع الإستراتيجي الحيوي الذي تمثله المنطقه العربيه , وإن فرضت عليها الظروف يوما أن تتأقلم مع الأحداث , وأن تتخلى عن عبيدها , من اجل المحافظه على مصالحها المذكوره اعلاه , فهي لن تتوانى ابدا عن ركوب الموجه , وإلقاء هؤلاء في اول محرقه ملتهبه , وهذا هو مانراه ماثلا امام اعيننا , وليس ’’مؤامره امريكيه ’’ كما يحلوا للبعض ترداده ..
***

لماذا ايها الأخوه تصبح الديمقراطيه في نظركم خدعه زائفه عندما تطالب بها الجماهير العربيه , ونعمه عظيمه عندما نُطالب نحن الفلسطينيين بتطبيقها في اراضي السلطه الفلسطينيه كمدخلاً لحل مُعضله الإنشقاق وللتبادل السلمي للسلطات , وعندما نعتمدها كنصاً موثقاً ...
** في القانون الأساسي للسلطه الفلسطينيه
مادة (5): نظام الحكم
نظام الحكم في فلسطين نظام ديمقراطي نيابي يعتمد على التعددية السياسية والحزبية وينتخب فيه رئيس السلطة الوطنية انتخاباً مباشراً من قـبل الشعب وتكون الحكومة مسؤولة أمام الرئيس والمجلس التشريعي الفلسطيني.
** 

وفي البرنامج السياسي للحركه المٌقر في المؤتمر العام السادس ؟
الديمقراطية لا تعني الرضوخ للقوالب الأمريكية، أو التسليم بالآراء الخاطئة، أو المضللة، وإنما بالعودة الدائمة للجماهير وتوسيع قاعدة مشاركتها في اتخاذ القرارات ورفض الدكتاتورية وحكم الفرد ونحن نخطئ إذا قبلنا بنهج الفردية.
"برنامج البناء الوطني" المقدم الى المؤتمر السادس للحركة:
1. التأكيد على مبادئ الديمقراطية والتعددية والتداول السلمي للسلطة، وتعميق هذه الأسس وحماية
حرية الأفراد وحقوقهم باعتبارها أسس بناء الدولة.
** وفي النظام الأساسي للحركه ؟
الأهداف
المادة (13) - اقامة دولة فلسطينيه ديمقراطية مستقلة ذات سيادة على كامل التراب الفلسطيني وتحفظ للمواطنين حقوقهم الشرعية على اساس العدل والمساواة دون تمييز في العنصر او الدين والعقيده وتكون القدس عاصمة لها.
 

** وفي وثيقه الإستقلال المُقره في المجلس الوطني الفلسطيني في دوره الجزائر ؟؟
إن دولة فلسطين هي للفلسطينيين أينما كانوا فيها يطورون هويتهم الوطنية والثقافية، ويتمتعون بالمساواة الكاملة في الحقوق، تصان فيها معتقداتهم الدينية والسياسية وكرامتهم الإنسانية، في ظل نظام ديمقراطي برلماني يقوم على أساس حرية الرأي وحرية تكوين الأحزاب ورعاية الأغلبية حقوق الأقلية واحترام الأقلية قرارات الأغلبية، وعلى العدل الاجتماعي والمساواة وعدم التمييز في الحقوق العامة على أساس العرق أو الدين أو اللون أو بين المرأة والرجل، في ظل دستور يؤمن سيادة القانون والقضاء المستقل وعلى أساس الوفاء الكامل لتراث فلسطين الروحي والحضاري في التسامح والتعايش السمح بين الأديان عبر القرون.

ألا ترون هذا التناقض الواضح ما بين مواقفكم من حركه الجماهير العربيه , وما بين ما تعتبرونه أساسا ثابتا لفكركم الوطني فيما يخص قضيتكم ؟؟
ام أن ما يليق بنا كفلسطينيين لا يليق بالجماهير العربيه ؟؟
***

هل صحيحا هو المنطق الذي يدعي بأنه مادام السجين غير مهيئا للحريه , تصبح مصلحته تدعوا الى حرمانه منها ؟؟
هل هو منطقيا الإدعاء بأنه من غير مصلحه الأعمى أن يسعى لرؤيه النور لأنه لم يراه يوما وبالتالي فهو غير مهيأ له ؟؟
هل من المعقول أن نمنع شاباً من خوض غمار حياته مستقلاً بحجه أنه إعتاد العيش في كنف والديه وتحت رعايتهم الدائمه ؟؟

اعتقد حقا ان الحجه القائله بأن كون الجماهير العربيه غير مهيأه للديمقراطيه هو سببا وجيها لمنعها عنها , هو منطق خاطئ , فالجماهير التي تصل الى مرحله التضحيه من اجل نيل حرياتها الديمقراطيه تثبت بذلك انها قد وصلت حقا مرحله النضوج الكافي الذي يسمح لها بأن تخوض تجربتها , تُخطئ وتصيب , تتقدم وتتأخر , تنجح في تذليل عقبات وتعجز احيانا , ولفتره عابره , امام غيرها , ولكنها ستبذل كل ما في وسعها لتحقيق اهدافها ولإنجاح تجربيتها
فمن نحن لندّعي لنفسنا الحق بالحكم على فشل تجربتها هذا حتى قبل أن تبداء ؟؟
وبأي حق نسمح لأنفسنا بالتشكيك في مقدره تلك الجماهير على تحقيق اهدافها , ونحن لم ننجح في المحافظه على وحده شعبنا رغم إدعائنا الإيمان بالديمقراطيه وتطبيقها ؟؟
اليس القليل من التواضع في هذا المجال هو من الصفات الحسنه والمحببه والمفيده ؟؟
***

لماذا نحصر خياراتنا فيما يتعلق بمواجهه إنتشار نفوذ الإخوانجيه , في معادله ناقصه تجعل الخيار محدودا في ’’ إما الأنظمه او الجماعه ’’ ؟؟
ألا ترون أن في ذلك إجحافا بحق كل القوى الوطنيه والديمقراطيه العربيه التي وإن كانت لاتزال طريه العود ,فهي مهيأه ضمن الظروف الجديده لأن تصبح عاملا اساسيا وفاعلا في المعادله الجديه ؟؟
ألا ترون بأن الحكم بفشلها في مواجهه النفوذ الإسلامجي مُسبقا هو حكم مجحف لا يأخذ بعين الإعتبار حركه التفاعلات التي تحررت بسقوط ادوات التسلط التي كانت تمنعها وتعيقها ؟؟
ألا ترون بأن التاقض ما بين فكر ’’الجماعه’’ وفكر قوى التحرر الديمقراطي هو تناقض مُرشح للبروز الى صدر الأحداث , ولا مجال لأحد لأن يلغيه إلا في حاله تحول فكر ’’الجماعه’’ من فكر ديكتاتوري أوحد الى فكر ديمقراطي , وهو تحول مُستحيل التحقيق لأن ’’الجماعه’’ ستُلغي عندئذ الإستثنائيه التي منحتها لنفسها بنفسها , عندما إدّعت إستمدادها شرعيتها من الدين الإسلامي الحنيف , وإحتكرته لنفسها , فجعلت نفسها فوق اي شرعيه دنيويه منبثقه عن الجماهير التي ستتحول في نظرها الى ’’جماهير كافره’’ إن هي لم تؤكد الشرعيه الدينيه التي تدعيها الجماعه لنفسها ؟؟
لماذا حكمتم مُسبقا على نتيجه هذا الصراع ؟؟
هل تعتقدون فعلا أن الجماهير التي هزت اركان أنظمه ما كان احد يتوقع تقهقرها عاجزه عن الدفاع عن مكتسباتها , وسترضخ لديكتاتوريه ’’الجماعه’’ بعد كل ما قدمته للتخلص من تسلط أنظمتها ؟؟
اليس في ذلك الكثير من الإستخفاف بتلك الجماهير وبمقدراتها ؟؟
***

ما يُطَبَق على ’’الجماعه’’ يمكن تطبيقه ايضا على ’’العسكر’’ , فهم وإن كانوا يمتلكون السلاح ومفاصل الحكم وبعضا من المصداقيه الناجمه عن موقفهم ’’الحيادي’’ في صراع الجماهير مع الحكام , إلا أنهم كانوا شهود عيان على مدى قوه الإندفاعه الجماهيريه , وليس في وسعهم إلا مراقبه التفاعلات السياسيه المدنيه , ومجاراتها , حتى لا تتعارض مع مصالح الوطن العليا , مثل وحده ترابه الوطني , او ’’ إستقلاله’’ ..او تَحَمّل وزر مذابح دمويه رهيبه بحق جماهير شعبهم , والإنضمام بذلك الى نفس اللآئحه الكريهه والمنبوذه التي تجمع بشار الأسد واحمدي نجاد ومعتوه ليبيا وكيم ايل جونغ ....
***

ماسبق من ملاحظات هي دعوه مفتوحه لبعض الإخوه لمراجعه مواقفهم , والتوقف عن البكاء على اطلال أنظمه بادت , والدفاع عن اخرى اتمنى ان تلحقها سريعاً ..
فتجربه شعبنا أثبتت بأن لاخلاص فعلي لشعبنا الفلسطيني ولا إنتصار حقيقي لحقوقنا في ظل هذه الأنظمه المتحكمه في رقاب الجماهير العربيه ..
فلنعود الى مشاربنا الفكريه الأصليه ..
ولنقف مع الجماهير العربيه ..
فهي الدائمه ..
اما الحكام المتسلطين ..
فهم حتما الى زوال ..

ليست هناك تعليقات: