هل تذكرون ذاك اللحن العذب الذي كانت تعزفه جوقه العربان العاربه , تهليلا لكل الفوائد الإقتصاديه الضخمه ,التي ستعود بالخير مثقلا بالمن والسلوى على المنطقه العربيه ,وعلى شعوبها المسكينه التي تحمل على اكتافها ,إضافه لهمومها الأخرى الكثيره ,هم الفقر والعوز والبطاله وغلاء المعيشه؟؟؟
هل تذكرون اطلاله هؤلاء علينا عبر الصحف والمجلات والتلفزيونات ,بإبتسماتهم العريضه ,الكاشفه للعابهم الذي كان يقطر من أنيابهم ,وهم يعلنون بفخر المنتصر ,التوقيع على اتفاقيه (الكويز) التي تتعهد بموجبها الولايات المتحده الأمريكيه , بإلغاء الرسوم الجمركيه عن كل منتجات المناطق الصناعيه المشتركه (دوله عربيه,اسرائيل,امريكا) ,بشرط ان يكون احد مكونات السلعه المنتجه في تلك المناطق هو من صناعه اسرائيليه ؟؟؟
الا تذكرون ,انهم يومها ,بشروا شعوبنا العربيه ,في الأردن ومصر ,بأن السماء ستمطر عسلا وسمنا وحليب , وأطربوا المعد الخاويه ,وآذان الجائعين من شعوب تلك الدول ,ببشاره النصر على الجوع والتخلف ؟؟؟
منذ تاريخ توقيع اتفاقيه المناطق الصناعيه المؤهله هذه في كانون الأول 2004 ,تم انشاء العديد منها , وفي الأردن ,يوجد منها اليوم ثلاثه عشر منطقه ,موزعه على مناطق مختلفه من أراضي المملكه ...
في ذلك الوقت ,قامت قيامه الكثير من القوى والشخصيات الوطنيه والحقوقيه والجمعيات ,وشنت العديد من الصحف حمله ضد هذه الإتفاقيه , وكان أهم الحجج التي كانت تطفوا على السطح ,في تلك الإنتقادات ,هي ان هذه اتفاقيه تطبيع مع عدو ,تقدم له المساعده المباشره ,عبر استعمال منتجاته في تصنيع بضائع على ارض عربيه ,وتسويقها له في الولايات المتحده بدون ضرائب جمركيه ,كل ذلك قبل ان يوافق هذا العدو على القيام بواجباته الملحه من اجل احلال السلام العادل والدائم ...
وكان رد المؤيدين لهذه الإتفاقيات ,انه ما يجب على الجميع ان يراه في هذه الأتفاقيات ,هو الأعداد الهائله من العاطلين عن العمل ,من الأيادي العامله ,في الدول العربيه المعنيه ,الذين سيجدون ,من خلال تلك الإتفاقيات ,مصدر رزق دائم لهم , وما يعنيه ذلك من مردود اقتصادي هام على شعوب تلك الدول ,وأثر ذلك في تنشيط الحركه الإقتصاديه هناك ...
بالأمس ,نشرت بعض الصحف ,تقريرا ل’’اللجنه القوميه للعمل’’ ,وهي واحده من اكبر جماعات الدفاع عن حقوق العمل الأمريكيه , وجاء في التقرير ,ان شركه ’’فيكتورياز سيكرت’’ للملابس النسائيه الداخليه المثيره , تمتلك خط انتاج لبضائعها في منطقه الحسن الصناعيه الواقعه في محيط مدينه اربد الأردنيه , وتعمل ,ضمن اتفاقيه (الكويز) , تحت اسم ’’مصنع دي كي للملابس الجاهزه’’ ...
في المصنع المذكور يعمل 135 عاملا من بنجلاديش و 15 عاملا آخر من سيريلانكا ..العمال المذكورين تم حرمانهم من أوراق اقامتهم حين ’’استيرادهم’’ للعمل في المناطق الصناعيه المذكوره ,وهم بذلك اصبحوا محتجزين في نطاق هذه المناطق ولا يستطيعون مغادرتها , ويتم تسخيرهم للعمل لمده 14 الى 15 ساعه باليوم ,على طول ايام الأسبوع السبعه , ولهم اجازه يوم واحد كل ثلاثه او اربعه اشهر ,وأما العمل الإضافي فهو اجباري ...كل عامل عليه انتاج قطعه ملابس داخليه كل 3.3 دقائق , يتلقون مقابلها اربعه سنتات ,وتبيعها الشركه بأربعه عشر دولارا للقطعه الواحده ..وكشف التقرير ان العمال الذين يتأخرون عن تحقيق الهدف الإنتاجي هذا يتعرضون للصفع والضرب المبرح , وفي حاله احتجاجهم فهم معرضين لحجب المياه والكهرباء عن اماكن مبيتهم البدائيه المبنيه بجوار المصنع ...يذكر ان ماركه فيكتورياز سيكرت قد باعت في العام الماضي 3.2 مليار دولار من الملابس الداخليه هذه ...
اذا ..هكذا , عوضا عن ان تكون هذه المناطق الصناعيه المشتركه ,مصدر رزق دائم للعاطلين عن العمل في الدول العربيه التي وقعت هذه الإتفاقيه , تحولت الى سجن احتكاري كبير ,يتم فيه تشغيل ’’ايادي عامله مستورده’’ ,ضمن ظروف لا انسانيه ,تشابه الى حد بعيد ’’العبوديه’’ , ويتم فيها ممارسه ابشع انواع الأستغلال ل’’اجانب’’ ,من اجل اشباع جشع اصحاب رؤوس الأموال الأجنبيه ومضاعفه ثرواتهم , كل ذلك في وقت يشكوا فيه المواطن العادي من البطاله المزمنه والفقر والعوز وغلاء المعيشه ..
اذا..هكذا , ومن جديد ,تم شراء ذمم ’’المسؤولين’’ ,عبر القاء بعض الفتات لهم , ليغضوا النظر عن تحويل اراضي الوطن الى ’’مزارع عبوديه’’ خارجه عن نطاق اي قانون انساني أو حقوقي ..
اذا..هكذا , ومن جديد , ’’تقاسمت’’ كل من اسرائيل واصحاب الثروات الأمريكيين ,وبعض ’’القطط السمان’’ , مردود ’’السلام ’’ الأقتصادي , بعد ان أشبعوا شعوبهم بالكلمات المعسوله ,التي لاتسمن ولا تغني عن جوع ..
اليوم ,تطل علينا وجوه تشابه تلك التي احتلت الصفحات الأولى من صحف ومجلات الأردن ومصر , وهم يعيدون على اسماعنا نفس الأسطوانه حول المردود الأقتصادي الهائل المتوقع من ال’’سلام ’’ , حتى ان الكثير من اهلنا وشبابنا رقصوا طربا لل’’مستقبل المشرق’’ القادم غدا ....
هل لنا ان نعتبر ؟؟؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق