السبت، ٢٨ شباط ٢٠٠٩

جدي,,لا اريد ان اكون فلسطينيا ,,مثلهم


تم كتابتها في 9/9/2007


...الصوره الاولى...
اعتاد ,وبمجرد ان يدخل بيتنا ,ان يندفع باتجاه البلكونه ,وهو يناديني بصوته الحنون ’’جدي ..جدي ..انا هنا ’’ ,يركض الى حيث يجدني بالعاده ,جالسا خلف جهاز الكمبيوتر المحمول ,بين العديد من النباتات والزهور التي زرعتها على اطراف بلكونه البيت ,يقبلني ويتلقى قبلاتي الحاره بسعاده ظاهره ,ويعتلي الكرسي المقابل لي ,ينظر لي ,او يتأمل النرجيله التي تقرقع بجانبي , واذا ما تأخرت قليلا في انهاء ما كنت قد بدأته ,واقفال الكمبيوتر ,يتأفف بصوت مسموع ,ليعبر لي عن الحاح ’’القضايا الهامه’’ التي ينتظر التحدث معي بها.
اليوم ,وعلى غير عادته ,جلس صامتا ,وعندما اغلقت الجهاز امامي , ونظرت الى عيونه الساحره السوداء ,لمحت فيها حزن دفين , وحيره وارتباك ..
رفع رأسه الصغير ,ونظر الي , وقال ..
*_يا جدي , هل انت رجل بوليس ؟؟؟
فاجأني سؤاله الغريب ..
*_ما الذي يجعلك تعتقد ذلك ,يا صغيري العزيز؟؟؟
*_لقد شاهدت اليوم ,مع والدي ,نشره الأخبار .. كان هناك العشرات من ’’رجال البوليس’’ الفلسطينيين ,بعضهم يطلق النار بجنون ,واخرين يضربون الناس بهراواتهم الطويله ,بما فيهم صغار السن , لماذا يفعلون ذلك يا جدي ؟؟ لا اريد ان تكون منهم ..
*_ لا ,يا ابني الحبيب ,لست ولن اكون ابدا منهم , فأنا اخاف ان اطلقت يوما النار ,او ان استعملت هراوه ,ان اسبب الاذى لزهره جميله مثلك ,انتم اغلى ما نملك ,وعلينا ان نحميكم بصدورنا من الظالمين ,اي كانوا ,كيف لا وانتم المستقبل والامل..
*_ولكنهم فلسطينيون مثلك ياجدي ..
صمت قليلا ,وتنهد بألم ملحوظ ,وتابع بصوت حزين ممزوج ببعض الغضب المكبوت...
*_ اليس لهم اطفال ؟؟ الا يخافون ان يجرحونهم برصاصهم ؟؟ لماذا يضربون الاخرين بهده القسوه ؟؟ هل ارتكبوا خطاءا عظيما يستحق مثل هذا العقاب؟؟؟
عندما رأى الحيره التي ارتسمت على محياي ,وشعر بعجزي عن ايجاد الكلمات المناسبه ,لتوضيح هذه الصوره الكريهه التي اصبحت تلتصق بنضال شعبنا ..تنفس الصعداء ..وتابع...
*_ قبل ايام كنت اشاهد التلفزه مع ابي , ورأيتهم حول جثه انسان ,يضربونه بقسوه باياديهم وبأقدامهم , كانوا فرحين مبتهجين , وكان بعضهم يلتقط الصور ..
لماذا ياجدي هم بهذه القسوه والوحشيه ؟؟ لماذا يضربون الجثث؟؟ لماذا يبتهجون لموت انسان ؟؟ الا يتسائلون ان كان له ,هو الاخر اطفالا يشاهدون التلفزه ؟؟هل يقبلون ان يفعل احد بأبائهم ما هم فاعلين بأبأء الاخرين ؟؟؟
كان الغضب الممزوج بالألم , وبنوع من الحقد الاسود ,يتسلل الى صوته العذب الحنون ’’بالعاده’’ , نظر الي من جديد , والدموع تغرق عيناه الجميلتين , وبصوت مبحوح ومتردد ,قال..
*_ جدي , رجائي ان لا تغضب مني ,وان لا تحزن , انا لا اريد ان اكون فلسطينيا مثلهم ..
كان قلبي يعتصر الما , فتحت له ذراعي , وبلحظه, كان جالسا في حضني ,ورأسه الصغير المثقل بهذا الهم الكبير ,التصق بصدري , وسمعته يردد بألم وحسره ..
لا اريد ان اكون فلسطينيا مثلهم ..لا اريد .
يتبع _ الصوره الثانيه
_....

ليست هناك تعليقات: